أخصائي نفسي: اغتصاب الأطفال سلوك مرضي.. وهذه طرق حمايتهم

حورية

الخميس 17 سبتمبر 2020 - 13:09

لازالت واقعة اغتصاب وقتل الطفل عدنان بوشوف بطنجة، تثير ردود فعل غاضبة مجتمعيا، حيث فتح هذا الحادث الشنيع النقاش حول طرق ردع “الوحوش الآدمية” التي تتصيد الفرص لاقتناص ضحاياها الأبرياء.

في حوار مع الدكتور أحمد المطيلي، المعالج والأخصائي النفسي، عدَّد أسباب هذه السلوكات المرضية، وقدم طرقا لحماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية.

1 – هل يمكن اعتبار اغتصاب الأطفال فعل مرضي؟

أجل، هو سلوك مرضي بكل المقاييس المعتمدة عند أهل الاختصاص، فهو انتهاك لعرض الطفل، وتَعَد على سلامته الجسدية، والنفسية.

ونحن نعلم أن للاغتصاب تأثير كبير في الاتزان الوجداني، والانفعالي للطفل، إذ يصاب بجملة من الاضطرابات المتمثلة في الخوف، وضعف التركيز وتقلب المزاج، والأرق، والكوابيس، وفقدان الثقة في النفس، والشعور بالضياع، والمهانة.

وإذا ما شب فلربما أصيبت علاقاته العاطفية، والجنسية بعدد من الأعطاب ليس أقلها العجز الجنسي، أو المثلية الجنسية. ناهيك عن الخدوش، أو الجروح التي يصاب بها، وكذا الافتضاض، أو الحمل بالنسبة للفتيات المعتدى عليهن.

وأما بالنسبة للأهل فالاغتصاب يشكل فاجعة مدوية في نفوس الوالدين، والإخوة أو الأقارب، وهي لذلك تسعى إلى الاقتصاص من المعتدي وربما سعت إلى الثأر لشرف الأسرة، ناهيك عن الأذى الذي يلحق بسمعة الطفل، ومنزلته بين ذويه وأقرانه، ولذلك كله، حرمته الشريعة الإسلامية، وكذلك فعلت جل الشرائع الأرضية قديمها، وحديثها، فعدته جريمة يعاقب عليها القانون.

2 – هل يصنف علم النفس البيدوفيليين كمرضى نفسيين؟

نستخدم في اللغة العرببة مصطلح الغلماني للدلالة على الشخص الذي يعشق الصبيان، ويجد لذته، ومتعته الجنسية في مخالطتهم ومعاشرتهم.

بل قد لا تتحقق للبعض منهم لذة جنسية إلا مع الأطفال. فالغلمانية بهذا المعنى، شذوذ نفسي والغلماني، إنسان شاذ، ومنحرف، لا ريب في ذلك.

غير أن الحدود بين السواء، والشذوذ، كما نعلم إنما هو فرق في الدرجة لا في النوع، وآية ذلك أن الشخص لو حيل بينه، وبين المعاشرة الجنسية المتعارف عليها بحكم الشرع، أو العرف، أو القانون إما بسبب الفاقة، والحرمان، أو في بعض الظروف الخاصة كالسجن، أو زمن الحروب، والكوارث الطبيعية، ربما نزع نزعة شاذة في إرواء غليله الجنسي، إن لم يكن بالجماع فلا أقل من أن يكتفي بالتقبيل، والعناق، والضم، والاحتضان، أو الملامسة، أو استراق النظر إلى جسده، أو التعري أمام الطفل كليا أو جزئيا.

فالغلمانية إذن، قد تقتصر في حدها الأدنى على البصر، والتصوير للطفل في مواقف مخلة بالحياء والتفوه بالكلام الماجن، وأما الغلمانية الكبرى فقوامها السعي لتحصيل اللذة عبر المعانقة والتقبيل، والمداعبة للأعضاء التناسلية، وقد تفضي بالطبع إلى الجماع.

وما بين الغلمانية الصغرى والكبرى درجات متفاوتة بتفاوت المكونات النفسية للغلماني ووضعه الاجتماعي وبمواضعات الزمان والمكان والجماعة التي ينتمي إليها.

3 – انطلاقا من عملكم كدكتور نفساني، هل سبق أن لجأ إلى عيادتكم شخص يعاني من رغبته في معاشرة الأطفال؟

نعم، لقد استقبلت عددا من الأشخاص الذين يأنسون في أنفسهم ميلا إلى معاشرة الصبيان، أو أشخاصا من نفس الجنس.

غير أن أوضاع هؤلاء مختلف للغاية عمن نسمع عنهم، أو نتابع أخبارهم على أعمدة الصحف والجرائد، أو مواقع التواصل الاجتماعي، كما هو حاصل في أيامنا هذه إثر الفاجعة الأخيرة.

فمرضاي الذي يأتون لاستشارتي، ومباشرة العلاج هم في الغالب أشخاص على درجة من الاستبصار بأنفسهم، وتحدوهم رغبة صادقة في تغيير ما بأنفسهم بسبب ما يكابدونه من إحساس بالذنب وخوف من العار. فهذه كلها عوامل مساعدة على تلمس طريق العلاج.

4 – هل يمكن علاج ممتهني معاشرة الأطفال؟ وهل فعلا يكون السبب هو تعرضهم للاغتصاب في طفولتهم؟

بالفعل، يمكن مباشرة علاج الغلمانيين متى توافرت الشروط اللازمة للشروع في العلاج.

أول شرط، وأهم شرط، الشعور بالمشكلة، والرغبة في العلاج شأن الغلمانية في ذلك شأن بقية الأمراض النفسية، والعقلية على السواء.

إذ لا يمكن علاج أي مريض نفسياد، إن لم يرغب في العلاج ويسعى إليه.

والحال أن عددا لا يستهان به من الأمراض الجسمية قبل النفسية قابلة للعلاج، والشفاء لولا أن المرضى قد يتقاعسون في السعي إلى العلاج، أو يتوقفون في منتصف الطريق فيقلعون عن متابعة العلاج، فما بالك بالاضطرابات النفسية التي تتطلب عقد النية، والحزم في اتباع الإجراءات المتبعة بما في ذلك متابعة جلسات العلاج النفسي.

وأما أن يكون الشخص المغتصب قد تعرض بنفسه إلى الاغتصاب في طفولته فهذه حقيقة قائمة تثبتها الأدلة العيادية.

غير أننا لا نستطيع أن نجزم بأن كل المغتصبين هم على هذه الشاكلة، وإنما هذا وجه واحد لظاهرة متشابكة تقف خلفها عوامل متشابكة فردية (كالحرمان العاطفي، والكبت، واختلال النضج العاطفي، وضعف الوازع الديني والخلقي) وعوامل أسرية (كالتفكك الأسري، وقسوة الوالدين، أو انحرافهما) وعوامل اجتماعية وثقافية قائمة أو طارئة.

وعليه فيتعذر أن نرجع ظاهرة بشرية على هذه الدرجة من التشابك إلى سبب واحد ووحيد. أليس كذلك ؟

5- أمام تنامي الظاهرة ما السبيل لحماية أبنائنا من هذه الوحوش الآدمية؟

لا سبيل لحماية الأطفال من مخاطر التعرض للاعتداءات الجنسية، وفي مقدمتها الاغتصاب، سوى أن نربيهم تربية كاملة تجمع بين التربية الروحية، والبدينة، والجنسية، والعقلية على نحو يفضي إلى الإنسان المتزن.

وبخصوص التربية الجنسية لا بد أن نكون على بينة من فوائدها، ونفعها، متى فهمنا هذه الكلمة حق فهمها.

فالتربية الجنسية تعني أن نمكن المتربي من بناء تصورات، وتصرفات سليمة تجاه هويته الجنسية، واتجاه غيره من الذكور، والإناث، واتجاه المسائل الجنسية، والتناسلية أثناء البلوغ، وما بعده في ضوء المعارف العلمية، والقيم المتعارف عليها ووفقا لسن المخاطَب، وعقله، ولاسيما في مرحلتي الطفولة والمراهقة.

ومن مقتضياتها أن نُبَصر الطفل بحرمة جسده فلا يكون ملكا مستباحا للتقبيل، والاحتضان، والمعانقة إلا بضوابط.

ومن هذا القبيل كذلك تلقينهه مفهوم المباح، والمكروه، والمحرم، وآداب المعاملة مع المحارم، وغير المحارم، وحضه على ستر عورته، وعدم التعري، أمام الغير، وأن نفرق بينه، وبين إخوته في المضاجع.

ويتعين على الأبوين أيضا أن لا يتعريا، أو يعاشرا بعضهما معاشرة الأزواج على مرأى، ومسمع من الأطفال مراعاة لآداب الاستئذان، غير أن هذه المقتضيات كلها لا تؤتي ثمارها ما لم يكن التواصل قائم، ومتصل في البيت، وفي المدرسة حتى يستطيع الطفل أن يفاتح من يأنس فيه القدرة على الإنصات إليه، وفهمه، والأخذ بيده وتبديد شكوكه، إذا ما انتابته الريبة، أو ألم به مكروه.

شارك المقال مع أصدقائك

مقالات ذات صلة

هذه طريقة التعامل مع الطفل ذو الميول الأنثوية

هذه طريقة التعامل مع الطفل ذو الميول الأنثوية

ما هي أسباب موت الرضع المفاجئ ؟

ما هي أسباب موت الرضع المفاجئ ؟

هذه أعراض تأخر النطق لدى الأطفال وطرق علاجها

هذه أعراض تأخر النطق لدى الأطفال وطرق علاجها