اعتمد المغرب منذ سنة 2008 استراتيجية تندرج في إطار “مخطط المغرب الأخضر”، الرامي إلى تعزيز الإستثمارات الفلاحية وتحفيز الإنتاج قبليا وبعديا، بهدف ضمان الأمن الغذائي والحد من تأثير التغيرات المناخية والحفاظ على الموارد الطبيعية. ليخطو اليوم خطوة جديدة ومتطورة في اتجاه الذكاء الزراعي.
هذا الأخير تعتبره منظمة “الفاو” حسب رسائل سياساتها بأنه “ليس مجموعة جديدة من الممارسات أو أنظمة الإنتاج المستدامة، بل نهج يهدف إلى تقديم وسائل لدمج الخصائص المحددة للتكيف والتخفيف في سياسات التنمية الزراعية المستدامة وبرامجها واستثماراتها”.
الفلاح المغربي والزراعة الذكية!
رغم المجهودات والمبادرات التي قامت بها وزارة الفلاحة بالمغرب، بما فيها تخصيص دعم مالي للفلاحين الصغار في إطار الفلاحة التضامنية التي تخول لهم تحسين دخلهم ومحاربة الفقر في المناطق القروية، وتمكينهم من الحصول على تكوين وتأهيل مهني.
إلا أن الفلاح المغربي البسيط مازال يعاني من ضعف الإمكانيات وقلة الموارد التي تتيح له تطوير طرق اشتغاله بأحدث التقنيات الفلاحية، سواء على مستوى المعدات أو الأسمدة التي مازال العديد منهم متخوفا من استعمالها، أو مواكبة التطور التكنولوجي في مجال الزراعة.
وإن التطور التكنولوجي الزراعي له أساسيات علمية يجب فهمها أولا!!، مما سيرغم وزارة الفلاحة على البحث عن سبل تعليمية مثلى لإيصال الفلاح الصغير لمستوى علمي وحواري جيد ليصبح ملما بعمله وقادرا على تسييره، مع احترام مستواه التعليمي واعتماد لغته الأم التي غالبا ما تكون لهجة “أمازيغية” أو “عربية دارجة” ودمجه ليواكب جديد العلم الزراعي السائدة أبحاثه باللغة الإنجليزية.
وقد وقعت مؤخرا وفق ما ورد في موقعها الرسمي، مجموعة الـ “OCP” المغربية الرائدة عالميا في سوق الفوسفاط ومجوعة “Bioline by InVivo”، عبر فرعها “SMAG” المتخصص في الزراعة الذكية، مذكرة تفاهم تهم التطوير المشترك للحلول الرقمية في المجال الفلاحي بالمغرب، وهو حل تم العمل عليه للرفع من تأهيل الفلاح المغربي الصغير وتحسين مردودية محاصيله باعتماد حلول رقمية كل حسب مجال انتمائه الجغرافي عبر ربوع المملكة.
مواكبة الزراعة الذكية
حسب “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، يحتاج المزارعون بصفة عامة لتطوير ممارسات زراعية ذكية قادرة على التكيُّف مع تغيُّر المناخ والتخفيف من حدَّة آثاره، بتحسين إدارة الموارد الطبيعية، مثل الأراضي والمياه والتربة والموارد الوراثية.
ويوضح كل من “رومينا كافاتاسي” و”أصليهان أرسلان”، اقتصاديان متخصصان في الموارد الطبيعية في شعبة اقتصادات التنمية الزراعية التابعة لمنظمة الـ “FAO”، كيف يمكن أن تتناول الزراعة الذكية مناخياً التنمية الزراعية بهدف تحقيق استدامة الأغذية والزراعة في جميع أنحاء العالم، حسب الفيديو التالي:
وتشير احصائيات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى أنه من المحتمل بلوغ 9 مليارات نسمة بحلول 2050، حسب تقريرها الصادر متم سنة 2018.
ويؤكد العديد من الباحثين في المجال الزراعي عبر أقطار العالم، أنه من الضرورة تحقيق الأمن الغذائي من خلال اعتماد زراعة ذكية، ولكي تكون ناجحة يجب أن يُدعم الفلاح أو المزارع الصغير الذي لا يؤمن في الغالب باستعمال التقنيات الحديثة، والذي يشكو دائما من المزارعين الكبار الذين لا يحترمون أحقية الجميع في الفرش المائية التي هي الأساس الأول لنجاح المشروع الفلاحي.
في هذا الإطار واصل المغرب جهوده لتغيير قطاعه الفلاحي التقليدي بدمج “الصناعة الفلاحية الحديثة” تدريجيا، ودعم مراكز الأبحاث الفلاحية الوطنية التي تمكنت في السنوات الأخيرة من ابتكار مجموعة من أصناف النباتات التي تلائم التغيرات المناخية والقادرة على اعطاء محاصيل زراعية تغطي حاجيات المواطنين المغاربة.
“البحث العلمي” و”المزرعة الذكية” بالمغرب
من أجل التكيف مع التغيرات المناخية أصبح تعديل النشاط الزراعي رهينا بالاعتماد على الحلول المبتكرة للذكاء الاصطناعي مثل تطبيقات “إنترنت الأشياء” التي تتحكم فيها قاعدة البيانات الأم الخاصة بالمزرعة الذكية، بهدف مساعدة المزارعين في التحكم بدرجات الحرارة ونسبة الرطوبة وشدة الإضاءة اعتمادا على أجهزة استشعار وأجهزة أخرى عالية الحساسية.
ومثالا على ذلك، بدأ مزارعوا الضيعات الفلاحية بالمغرب يعتمدون على نسج علاقات تواصلية تنصب في إطار البحث العلمي ليستفيد المزارع من خبرة الطالب الباحث، ويكون الأخير قد تمكن من صقل مهاراته بمساعدة المشرفين على الضيعة الفلاحية. ويستفيد الفلاح بدوره من تقنيات حديثة اعتمادا على انترنت الأشياء وجمع الـ ” Big Data” الخاصة بمتابعة حالة مزرعته.
