صياغة الفضة بتزنيت.. رمز لجمالية وإبداع الصناعة التقليدية المغربية

حورية

الجمعة 13 مايو 2022 - 18:00

تشكل صناعة الحلي الفضية واحدة من أبرز المهن والحرف التقليدية التي تصنف تراثا تاريخيا بتجلياتها الثقافية العميقة وتحتل مكانة خاصة في الموروث الشعبي بالمغرب.

وتتبوأ تزنيت التي اشتهرت بصناعة المجوهرات التقليدية حتى صارت تلقب بـ”عاصمة الفضة”، مكانة رائدة في مجال الصياغة الفضية بمختلف مكوناتها الإنتاجية والفنية والخدماتية.

وقد عرفت منذ القدم بهذه التجارة، فكانت على الدوام قبلة للزوار الذين يقصدون أسواقها لاقتناء الحلي الفضية الصافية من المحلات التي تصطف بـ”قيساريات النقرة” قرب ساحة المشور، والتي ارتفع عددها حاليا إلى ما يناهز 400 محل.

وتفنن الصائغون المحليون من مسلمين ويهود في ابتكار حلي حاملة لقيم جمالية إبداعية سواء من حيث استخدام نوع منفرد ومتميز من معدن الفضة أو من حيث توظيف أساليب وتقنيات مختلفة في صناعة الحلي كتقنية “الفيليكرام”، وتقنية الطلاء الزجاجي، ثم تقنية النقش وهي المتداولة على نطاق واسع بالمنطقة.

كما توجد أيضا تقنية “التخرام”، إضافة إلى تقنيات أخرى كاستعمال مادة النيال الأسود وتقنية الفريغ، وكلها تقنيات تستوحي أساليبها وأشكالها وتصاميمها من التراث المحلى، كما أنها تستحضر المقومات الفنية والرموز الثقافية متعددة الروافد.

وقال رئيس غرفة الصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة، عبد الحق أرخاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن قطاع الصناعة التقليدية بصفة عامة والصياغة الفضية بشكل خاص بتزنيت، شهد قفزة نوعية في السنوات الأخيرة تمثلت في نوعية المشاريع المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز وذلك في إطار المخطط الجهوي لتنمية الصناعة التقليدية بالجهة، أو من خلال ربطها بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني أو علاقة بدعم الإنتاج وتشجيع التسويق.

وذكر أرخاوي أن تطوير فرع الصناعة الفضة شمل تجهيز مجمع الصناعة التقليدية بتزنيت بمعدات جديدة لصياغة الفضة وإحداث محلات تجارية جديدة إلى جانب بناء قيساريات أخرى للرفع من عملية التسويق والاهتمام بتكوين الشباب والشابات المنقطعين عن الدراسة في حرفة الصياغة عبر التكوين بالتدرج وإحداث قسم الصياغة الفضية بمركز التكوين المهني في المدينة بهدف المحافظة على هذه الحرفة.

وأبرز أنه جرى توفير مادة الفضة الخام محليا بأثمان مناسبة وإحداث العلامة التجارية “مضمون” للحفاظ على خصوصيات وجودة المنتوجات الفضية المحلية، علاوة على تشجيع ودعم الصناع للمشاركة في معارض إقليمية وجهوية ودولية وكذا تنظيم دورات تكوينية لفائدتهم بإشراف من خبراء مغاربة وأجانب.

وأضاف المسؤول الجهوي، أن تزنيت أصبح لديها تظاهرة ثقافية في هذا المجال حيث يتم تنظيم مهرجان الفضة من طرف جمعية “تيميزار” بشراكة مع وزارة الداخلية ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، والذي تسعى الجمعية من خلاله إلى الاحتفاء بالصياغة الفضية كقيمة إنتاجية وتراثية وهوياتية من أجل تثمين هذا الموروث الثقافي.

من جهته، قال المندوب الإقليمي للصناعة التقليدية بتزنيت، محمد بنعسيلة، أن الوزارة تولي اهتماما كبيرا لقطاع الصناعة التقليدية ومن ضمن فروعه الحلي والمجوهرات باعتباره ذو حمولة ثقافية.

واعتبر بنعسيلة أن صناعة وصياغة الفضة تشكل رافدا تنمويا يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية إذ يوفر مجموعة من فرص الشغل ويعد مصدرا لتنمية الموارد الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب كونه مرتكز للتماسك والتضامن حيث تغطي حرفة صياغة الحلي الفضية جل مناطق إقليم تزنيت سواء داخل المجال الحضري أو القروي ويشتغل في هذا القطاع ما يزيد عن 1000 صانعة وصانع تقليدي.

ولقد استطاعت تزنيت أن تحافظ على مركز الريادة في مجال الصياغة الفضية بفضل حنكة ومهارة أبنائها الصناع التقليديين إلى جانب ما توليه الوزارة المعنية لهذا القطاع من اهتمام، وقد ساهم ذلك في المحافظة على هذا الموروث الحضاري الأصيل والمتنوع رغم تأثيرات العولمة ومظاهر التحديث الذي تشهده خاصة أدوات الإنتاج، ناهيك عن المنافسة الخارجية.

شارك المقال مع أصدقائك

مقالات ذات صلة

حسين حنين ينقل طقوس “الوشم” ودلالته في فيلمه الوثائقي “ذاكرة الجسد”

حسين حنين ينقل طقوس “الوشم” ودلالته في فيلمه الوثائقي “ذاكرة الجسد”

أكرم القزيني يستعد لجمع فنانين مغاربة في سهرة متميزة بالمغرب

أكرم القزيني يستعد لجمع فنانين مغاربة في سهرة متميزة بالمغرب

جامعة محمد السادس للعلوم الصحية تحتفل بخريجي السنة الدراسية 2020-2021

جامعة محمد السادس للعلوم الصحية تحتفل بخريجي السنة الدراسية 2020-2021