الأغنية المغربية من صانعات الهوية الثقافية وكذلك غيرها من مكونات ثقافتنا

إكرام بختالي

الخميس 03 فبراير 2022 - 21:31

لم يسعدني كثيرا أن يتوجه رئيس الحكومة إلى الباطرونا للكلام عن الثقافة.  أكاد أعبر عن خوف من اعتبار العمل الإبداعي الفكري ذو الأبعاد التاريخية ملفا تقنيا يحتاج للتكنوقراط  وأصحاب المال فقط. كنت أتمنى أن يبدأ ورش إعادة بناء صرحنا الثقافي وتجديده بعمق باللجوء إلى محاورة أهل الذكر في الموضوع، وأظن أن السيد عزيز اخنوش سيعود إلى الواقع ومن يشتغل داخله وهو الأقرب إلى بناء التصورات واقتراح الحلول.

بعد مقال عن ضعف عمل التلفزيون العمومي في الإهتمام بالطرب المغربي الأصيل، كان لي نقاش مع العديد من الفنانين المبدعين. فبقدر ما يهمهم الدخول في حوار حول ورش دعم الثقافة ورفعها إلى مواقع السياسات العمومية ذات الأولوية، بقدر مازالوا يحملون أملا كبيرا في تنمية الفن الموسيقي لأنه ينبع من الوجدان ويقوي لحمة الانتماء الوطن وترابه وأصالته ومستقبله.

وأنا استمع لكلام الفنان القدير والملحن الكبير مولاي أحمد العلوي نقيب الفنانين، وجدت نفسي تواقة إلى فتح ملف الفن والفنانين في مجال الموسيقى كفعل ثقافي وكمؤسس لجزء من هوية شعب له تاريخ متنوع المشارب والانتاجات إلى اليوم. النقيب مولاي أحمد العلوي الذي كان لي شرف دعوته للمشاركة في برنامج ديكريباتج الذي كنت أعده وأقدمه صحبة فريق جميل  ومغربي حتى النخاع، لا زال كما هو. إنه ذلك المسكون بطبوع  وايقاعات وبحور وعيون الأغنية المغربية. يتكلم عن أساتذته وعلى رأسهم الأستاذ الراحل والموزع الموسيقي القدير عبد السلام خشان بكثير من خشوع الفنان.

وهو يقرأ  عطاءات الأجيال من رواد الموسيقى إلى الجيلين الثاني والثالث، تذكر النقيب مولاي أحمد عطاءات كبار الزجالين أمثال الطيب لعلج وعلي الحداني وفتح الله لمغاري وكبار كتاب القصيدة من طينة أحمد عبد السلام البقالي وعلي الصقلي وعلال الخياري والجواهري. وتذكر مجهودات الملحنين الذين ذاقوا حلاوة الكلمات وكيف بحثوا عن الجمل الموسيقية المغربية التي تلاءمها وتزرعها في وجدان المغاربة. فمن الراشدي إلى السقاط والشنقيطي والعلوي والقدميري واللائحة تطول تنوعت الألحان النابعة من جذور متنوعة للطرب المغربي.

ويعد مولاي أحمد العلوي من الجيل الثاني الذي لحن لاصوات كثيرة وكبيرة مثل عبد الهادي بلخياط ومحمد الحياني ونعيمة سميح ومحمود الإدريسي وعبدالمنعم الجامعي وعبدو الشريف وغيرهم، ورغم موهبته المبكرة، قرر هذا المبدع أن يسلك درب طلب علم الموسيقى في الرباط  والقاهرة ولا زال يجتهد باحثا عن كنوز الموسيقى المغربية.

إعادة الروح الجميلة للطرب المغربي تتطلب قرارا ومبادرات للاستمتاع لأهل دار الفن. من يسكنوها ويسكنهم همها منذ أن تسلل عشقها إلى قلوبهم  لكي يقربوه من قلوبنا. أقول هذا لأن الذوق الرفيع رافعة للثقافة ويخاطب الوجدان لا الأبدان ويهذب السلوك الإجتماعي ويقوي روابط الانتماء للوطن. إفتح الباب يا رئيس حكومتنا أمام  المبدعين أولا، لا أمام مكاتب الدراسات ومن يسموون أنفسهم بأصحاب الصناعات الثقافية لأن قلة قليلة هي من تنتج وتستثمر في الفن والثقافة وآلياتها، أما أغلبيتهم فبعيدة عن الفعل الإبداعي لأنه في نظرهم مكلف و غير ذي مردودية مالية طبعا.

شارك المقال مع أصدقائك

مقالات ذات صلة

بعد غياب.. نجم ستوديو دوزيم كمال عموري يعود بأغنية “عندك الزين”

بعد غياب.. نجم ستوديو دوزيم كمال عموري يعود بأغنية “عندك الزين”

ملكة جمال المغرب تقاضي “رضا ولد الشينوية”

ملكة جمال المغرب تقاضي “رضا ولد الشينوية”

ألحان محمود التركي.. ديانا حداد تطلق أغنية “كل الهلا”

ألحان محمود التركي.. ديانا حداد تطلق أغنية “كل الهلا”